Saturday, April 05, 2025

mercredi 16 août 2017

جنوح الأحداث بالمغرب




يعرف المغرب مؤخرا ارتفاعا مهولا في معدل الجريمة،خاصة على مستوى الأحداث. الشيء الذي يستدعي منا الوقوف بجدية في مساءلة هذه القضية مساءلة علمية و بالتالي الكشف عن أسبابها الحقيقية بعيدا عن الشبهات لإيجاد حلول أنجع في معالجة هذه الظاهرة و الحد منها مستقبلا.
الجريمة قانونيا تأخد بعدين اثنين.فإما أن تكون جريمة إيجابية تجسيدا لفعل مادي مكتمل الأركان ، و إما أن تأخد بعدا سلبيا من خلال ترك ما أوجب القانون القيام به .
 لكن في مناقشتنا لهذه القضية يستحسن الابتعاد عن القانون في معالجة هذه الظاهرة ، نظرا لعدم غوصه في عمق المشكل وملاحقته للأسباب الكامنة وراء الفعل الإجرامي بهدف وضع حد له قبل بدايته، لكن سنرتكز في الأساس على علم النفس الاجتماعي في مناقشة هذه القضية .
و بنظرة بسيطة على جوهر الموضوع سنلاحظ أن الجريمة تختلف باختلاف الدول ، ففي الدول النامية كالمغرب مثلا سنجدها تأخذ أبعادا متشعبة يصعب السيطرة عليها، على عكس الدول المتقدمة التي سيطرت بشكل كبير على الجريمة استنادا على مجموعة من التراكمات و الخبرات طيلة عقود من الزمن غير أن معظم الجرائم المعروفة مثل الاعتداء المادي المفضي لعاهة و الاغتصاب و السرقة يجمع بينها خيط رفيع يتمثل في الفراغ النفسي و الاجتماعي الذي يعيشه الشخص الشيء الذي يدفع به إلى الانتقام من نفسه أولا ثم المجتمع ثانيا. و لهذا فهذه الجرائم تعتبر الأكثر انتشارا في دول العالم الثالث حيث التوسع الطبقي الضارب في العمق و المنتناقض إلى أبعد الحدود وغياب العدالة الاجتماعية و انتشار الفقر كلها عوامل أو بالأحرى مواد قابلة لإشعال جرائم من نوع خاص حيث يكون للأحداث فيها نصيب كبير إذا ما أخدنا بعين الاعتبار المرحلة العمرية و الخصوصية النفسية لهؤلاء ، حيث تستشعر هذه الفئة في سن مبكر ما يحيط بها من تهميش ممنهج على كافة الأصعدة ، فتضطر أمام هذا التهميش إلى إخراج غضبها و سخطها بشكل مباشر إلى الشارع العام كتعبير عن السخط الاجتماعي و كبلورة لمشروع أجهض قبل و لادته ،فغياب البدائل التي تساعد في بناء شخصية هذا الطفل كالمسارح و معاهد الموسيقى و الملاعب الرياضية ، كلها أمور تجعل من الحدث وجها لوجه أمام الشارع، في غياب المرافق التي بإمكانها استخلاص طاقاته و توجيهها للصواب، فالإنسان في نهاية المطاف لا يولد مجرما.
نحن نتحدث هنا عن منتوج ولد ليكون مشروعا انتقاميا من الدولة و المجتمع ، و لعل مانشاهده خلال مباريات كرة القدم من أعمال عنف و شغب ما هو إلا نوع من أنواع الاحتجاج الغير مباشر. الشيء الذي يجعلنا مجبرين على إنزال علم النفس الاجتماعي للمجتمع وتفعيل البحوث العلمية ، بدل تركها تتآكل في سراديب الجامعة .

عزالدين المودن 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Creative PDF Download