mercredi 16 août 2017

جنوح الأحداث بالمغرب




يعرف المغرب مؤخرا ارتفاعا مهولا في معدل الجريمة،خاصة على مستوى الأحداث. الشيء الذي يستدعي منا الوقوف بجدية في مساءلة هذه القضية مساءلة علمية و بالتالي الكشف عن أسبابها الحقيقية بعيدا عن الشبهات لإيجاد حلول أنجع في معالجة هذه الظاهرة و الحد منها مستقبلا.
الجريمة قانونيا تأخد بعدين اثنين.فإما أن تكون جريمة إيجابية تجسيدا لفعل مادي مكتمل الأركان ، و إما أن تأخد بعدا سلبيا من خلال ترك ما أوجب القانون القيام به .
 لكن في مناقشتنا لهذه القضية يستحسن الابتعاد عن القانون في معالجة هذه الظاهرة ، نظرا لعدم غوصه في عمق المشكل وملاحقته للأسباب الكامنة وراء الفعل الإجرامي بهدف وضع حد له قبل بدايته، لكن سنرتكز في الأساس على علم النفس الاجتماعي في مناقشة هذه القضية .
و بنظرة بسيطة على جوهر الموضوع سنلاحظ أن الجريمة تختلف باختلاف الدول ، ففي الدول النامية كالمغرب مثلا سنجدها تأخذ أبعادا متشعبة يصعب السيطرة عليها، على عكس الدول المتقدمة التي سيطرت بشكل كبير على الجريمة استنادا على مجموعة من التراكمات و الخبرات طيلة عقود من الزمن غير أن معظم الجرائم المعروفة مثل الاعتداء المادي المفضي لعاهة و الاغتصاب و السرقة يجمع بينها خيط رفيع يتمثل في الفراغ النفسي و الاجتماعي الذي يعيشه الشخص الشيء الذي يدفع به إلى الانتقام من نفسه أولا ثم المجتمع ثانيا. و لهذا فهذه الجرائم تعتبر الأكثر انتشارا في دول العالم الثالث حيث التوسع الطبقي الضارب في العمق و المنتناقض إلى أبعد الحدود وغياب العدالة الاجتماعية و انتشار الفقر كلها عوامل أو بالأحرى مواد قابلة لإشعال جرائم من نوع خاص حيث يكون للأحداث فيها نصيب كبير إذا ما أخدنا بعين الاعتبار المرحلة العمرية و الخصوصية النفسية لهؤلاء ، حيث تستشعر هذه الفئة في سن مبكر ما يحيط بها من تهميش ممنهج على كافة الأصعدة ، فتضطر أمام هذا التهميش إلى إخراج غضبها و سخطها بشكل مباشر إلى الشارع العام كتعبير عن السخط الاجتماعي و كبلورة لمشروع أجهض قبل و لادته ،فغياب البدائل التي تساعد في بناء شخصية هذا الطفل كالمسارح و معاهد الموسيقى و الملاعب الرياضية ، كلها أمور تجعل من الحدث وجها لوجه أمام الشارع، في غياب المرافق التي بإمكانها استخلاص طاقاته و توجيهها للصواب، فالإنسان في نهاية المطاف لا يولد مجرما.
نحن نتحدث هنا عن منتوج ولد ليكون مشروعا انتقاميا من الدولة و المجتمع ، و لعل مانشاهده خلال مباريات كرة القدم من أعمال عنف و شغب ما هو إلا نوع من أنواع الاحتجاج الغير مباشر. الشيء الذي يجعلنا مجبرين على إنزال علم النفس الاجتماعي للمجتمع وتفعيل البحوث العلمية ، بدل تركها تتآكل في سراديب الجامعة .

عزالدين المودن 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Creative PDF Download